نسمع كثيرا مصطلح التضخم في سوق المال العالمي او التضخم في سوق العملات الرقمية وغيرها من المجالات الإقنصادية التي تتأثر بمصطلخ التضخم، وعند الحديث عن التضخم المفرط والعملات الرقمية لا بد من التعرف أولاً على مفهوم التضخم المفرط، ما هو التضخم؟ حيث يتم استخدام هذا المفهوم لإعطاء وصف لحالات الزيادة المفرطة والسريعة للغاية على صعيد الأسعار والخروج عن السيطرة في عالم الاقتصاد أيضاً.
كل المؤشرات في الأسواق على تنوعها وتباينها ..وتوحش الأسعار يصب في خانة واحدة وهي تزايد التضخم، تلك الطفرة التضخمية التي تشوه المستوى المعيشي لشرائح كبيرة ومتزايدة يشعر بها الجميع اليوم حتى على مستوى العالم ولا يستثنى منها أحد، وإذا كانت حدتها تتفاوت من دولة إلى أخرى ومن شهر إلى آخر، لكن يجب الإقرار بأنها باتت ظاهرة عالمية تطول الجميع، بل تمتد وربما بدرجة أكثر سوءا إلى الأسواق الصاعدة والاقتصادات منخفضة النمو في آن واحد.
وعلى الرغم من اختلاف أسبابها من بلد إلى آخر، فإن هناك أيضا عوامل مشتركة بين الاقتصادات المختلفة، بغض النظر عن درجة التقدم الاقتصادي لهذا البلد أو ذاك.
عندما يتجاوز مبلغ المال المزمع ضخه في الاقتصاد كمية الأموال التي تخضع للتداول حاليًا بمقدار ثلاثة أضعاف، فإن ذلك يزيد كثيرًا من احتمالات حدوث التضخم. وينبع التضخم من الحقيقة الاقتصادية القائلة إنه كلما زادت كمية السلعة المتداولة، قلت قيمتها
التضخم وارتفاع الأسعار
ليس من السهل تحديد متى يصبح ارتفاع الأسعار تضخما، ويمكن القول إن هناك تضخما عندما ترتفع الأسعار المحلية بشكل أسرع من ارتفاع الأسعار العالمية، لكن ذلك ليس تعبيرًا دقيقًا فالتضخم العالمي الذي لا يحدث في دولة واحدة بل في العالم ككل أحد أنواع التضخم الهامة أيضًا.
في أي لحظة قد تتعرض سلعة ما لطلب متزايد نتيجة فيديو دعائي على قام به أحد المشاهير مثلاً، وبينما يرتفع ثمنها ينخفض ثمن شيء تراجع الطلب عليه، وهذه التقلبات ثابتة وطبيعية، وهي ليست تضخمًا.
أما التضخم فيحدث عندما يرتفع متوسط سعر كل شيء يشتريه المستهلكون تقريباً؛ الغذاء والمنازل والسيارات والملابس، وحتى لعب الأطفال وما إلى ذلك، ولتوفير هذه الضروريات، يجب أن ترتفع الأجور أيضاً.
البيتكوين والانكماش الاقتصادي
الأصل المنكمش هو أصل يقل عرضه عن معدل التضخم، وتعتبر عملات البيتكوين أكثر من مجرد أصل منكمش. وفي الواقع، يقتصر العدد الإجمالي لعملات البيتكوين التي يمكن إتاحتها على 21 مليون عملة، بمقتضى بروتوكول البيتكوين نفسه.
علاوة على ذلك، فقد جرى تدمير عدد من عملات البيتكوين افتراضيًا بالفعل، في إطار الجهود المبذولة للتقيد بهذا الحد، مثل عملات
البيتكوين الموجودة في سلسلة التوريد، والتي لا يمكن الوصول إليها لعدة أسباب، مثل فقد المالكين لمفتاح التشفير المطلوب لنقل تلك الأموال، حيث وصل عدد عملات البيتكوين المفقودة إلى 3 ملايين عملة تقريبًا.
ويساهم ذلك الأمر في وصول العرض النظري لعملات البيتكوين إلى حوالي 18 مليون عملة رقمية. ويُعدُ معدل التضاعف الحالي لعملة البيتكوين المفقودة أقل بكثير من معدل التضخم الذي حدده مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ويمكن أن تزيد الفجوة بين هذين المعدلين فقط. وعلى عكس العملات النقدية الإلزامية، لا يمكن لأحد أن يقرر أو يفرض زيادة في كمية عملات البيتكوين المتاحة. ويفسر هذا الأمر سبب تزايد اهتمام الصناديق التي تسعى إلى التحوط ضد مخاطر التضخم بالعملات الرقمية بشكل عام، وعملية البيتكوين على وجه الخصوص.
ما هو التضخم ؟
يمكن
تعريف التضخم علميًا على الشكل التالي:
"التضخم هو انخفاض القوة الشرائية لعملة معينة بمرور الوقت. يمكن أن ينعكس التقدير الكمي للمعدل الذي يحدث به انخفاض القوة الشرائية في زيادة متوسط سعر سلة من السلع والخدمات المختارة في اقتصاد ما خلال فترة زمنية معينة. إن الارتفاع في المستوى العام للأسعار، الذي يتم التعبير عنه غالباً كنسبة مئوية، يعني أن وحدة العملة تشتري فعلياً أقل مما كانت عليه في الفترات السابقة".
أما
التعريف البسيط للتضخم هو : التضخم الاقتصادي هو زيادة واسعة النطاق ومستمرة في أسعار السلع والخدمات في البلاد على مدى فترة طويلة من الزمن.
ولا مناص من الاعتراف أن التضخم يحدث غالبًا ليس لأن السلعة بحد ذاتها قد زاد ثمنها أو نقص وجودها، بل لأن الأداة المالية التي تشتري هذه السلعة (العملة) قد أصبحت أضعف وأقل موثوقيةً.
العلاقة بين التضخم والعملات الرقمية
يمكن توضيح العلاقة بين التضخم والعملات الرقمية عبر الحديث بأن عملة البيتكوين ومختلف العملات الرقمية لا تتبع للأنظمة المركزية أي قيمة هذه العملات لا يحق للمؤسسات المالية أو الحكومية تحديدها، حيث أن تقنية البلوكشين تنص على أن إصدار أحدث العملات الرقمية يجب أن يتضمن جدولاً زمنياً محدداً وأن كل وحدة تكون منفردة مميزة محمية من قبل الازدواجية.
وفي ظل حدوث التضخم في كثير من الدول المتقدمة ازدادت العملات الرقمية شهرة وشعبية مثل فنزويلا وزيمبابوي والتي شهدت ارتفاع مدفوعات العملات الرقمية بصورة مميزة ومذهلة، كما أن هناك دول قامت سلطاتها بدراسة جدية وخطورة الاحتمالات المتعلقة بإدراج عملات رقمية مدعومة من الحكومة كبديل مناسب عن العملات الورقية التقليدية ومن أوائل الدول التي قامت بذلك البنوك المركزية في السويد وتلاها بعد ذلك دول كندا، وسنغافورة، والولايات المتحدة الأمريكية والصين أيضاً.
أنواع التضخم
هنالك عدة انواع وأشكال للتضخم يمكت التعرف عليها كالتالي:
1- التضخم العادي
عند زيادة عدد السكان تزداد احتياجاتهم، فتضطر الدولة إلى تمويل جانب من الإنفاق العام عن طريق إصدار نقود بلا غطاء، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وهذا النوع من التضخم تعاني منه الغالبية العظمى من الدول، لذا تخطط الدول إلى تنظيم الأسرة وتحديد الولادات.
2- تضخم جذب الطلب
يحدث عندما ترتفع الأسعار نتيجة لوجود فائض كبير في الطلب الكلي مقارنة بالعرض الكلي "المحلي والمستورد"، وقد يكون ذلك مؤقتاً وقد يستمر، مثل ارتفاع أسعار ألعاب وبعض المواد الغذائية في الأعياد أو مناسبات معينة (بداية الموسم) أو السياحة والاصطياف، وفي هذه الحالات فإن زيادة الإنفاق لا تمثل زيادة في الإنتاج الحقيقي بقدر ما تكون نتيجتها زيادة الأسعار.
3- التضخم المتسلل
وهو تضخم عادي، لكنه يحدث أثناء انخفاض الإنتاج، حيث تبدأ أسعار السلع والخدمات في الارتفاع ما يحدث مخاوف لدى المستهلكين من استمرار ارتفاع الأسعار، فيلجؤون إلى شراء سلع وخدمات أكثر من حاجتهم، ويتخلصون من النقود، فيتكون التضخم المتسلل الذي يؤدي إلى كبح النمو.
4- التضخم الجامح
عادة يحدث هذا النوع من التضخم في بدايات مرحلة الانتعاش أو مرحلة الانتقال من نظام اقتصادي إلى آخر، أو في الفترات التي تعقب الحروب، لذلك يعتبر هذا النوع من التضخم أسوأ أنواع التضخم، حيث يفقد الناس الثقة في النظام الاقتصادي.
5- التضخم المكبوت
غالباً ما يظهر هذا النوع من التضخم في الدول التي تأخذ بالاقتصاد الموجه، حيث تصدر الدولة نقودا دون غطاء بهدف الإنفاق العام للدولة، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار نتيجة زيادة الطلب على العرض بسبب وفرة النقد، فتلجأ الدولة إلى التدخل من أجل التحكم بالأسعار عن طريق تحديد حصص من السلع والخدمات لكل فرد، وكأن الدولة بذلك كبتت (قيدت) تحول الفجوة بين الطلب الأكبر والعرض الأقل، وهذا ما يؤدي إلى ظهور الأسواق السوداء.
6- التضخم المستورد
عندما ترتفع أسعار السلع المستوردة لأي سبب كان ينسحب هذا الارتفاع في الغالب على السلع المحلية، ما يؤثر بشكل واضح على أصحاب الدخول المحدودة، فيطالبون بزيادة الأجور والمرتبات.
7- التضخم الركودي
في فترات الركود ينخفض الطلب الفعال وينخفض مستوى تشغيل الجهاز الإنتاجي فتتزايد معدلات البطالة، وإذا كان هناك احتكار كامل أو مهيمن، فلا يستطيع أحد إجبار الشركات المحتكرة على تخفيض أسعار سلعها وخدماتها في حالة الركود، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مع ارتفاع معدلات البطالة.
الدولار عملة متضخمة
منذ توقف العمل باتفاقية بريتون وودز في عام 1971، لم تعد العملات مرتبطة بأي مخزون آمن للقيمة، مثل الذهب الذي كان يمثل هذا المخزون على مرّ التاريخ. والأكثر من ذلك هو أن العملات النقدية الإلزامية في العالم أظهرت طبيعة تضخمية على مرّ التاريخ. وسوف تتسارع هذه العملية، بالنظر إلى كمية العملات النقدية الإلزامية التي ستُضخ في الاقتصادات لدعم الناس والأعمال التجارية خلال الجائحة الحالية. ومن المتوقع ضخ أكثر من تريليون يورو في منطقة اليورو، وربما أكثر من ذلك، بالإضافة إلى مبلغ الستة تريليون دولار سالفة الذكر.
اعتبارًا من 10 يونيو 2020، كان يتم تداول أوراق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بقيمة 1.91 تريليون دولار. ولا يزال هذا المبلغ يعكس القيمة الإجمالية للدولارات المتداولة قبل الجائحة. وكانت حزمة التحفيز الاقتصادي لمواجهة أزمة كوفيد-19 الصادرة عن حكومة الولايات المتحدة ترمي إلى ضخ 2 تريليون دولار من خلال مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى مساعدة الشركات الصغيرة بمبلغ 350 مليار دولار، بالإضافة إلى مساعدة العائلات الأمريكية، من خلال ما يعرف باسم "أموال المروحيات" أو الشيكات التي تُرسل مباشرة إلى صناديق البريد الوارد الخاصة بهم، إلى جانب مساعدة القطاع الصحي، وخصوصًا المستشفيات، والشركات الكبرى مثل شركة بوينج، التي تتلقى 500 مليار دولار أمريكي.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن التدخل عبر تقديم مساعدات وصلت قيمتها إلى 4 تريليون دولار لدعم سوق الأسهم. وفي ظل تطبيق هذه الإجراءات، حصل الاقتصاد الأمريكي على سيولة بقيمة 6 تريليون دولار. ولتوضيح الحجم الضخم للأموال التي تعهدت الحكومة الأمريكية بتقديمها للمساعدة في مواجهة أزمة كوفيد-19، يجب الإشارة إلى أن الإدارة الأمريكية نجحت في تخفيف آثار الأزمة المالية العالمية عام 2008 من خلال حزمة من الإجراءات بلغت قيمتها الإجمالية 800 مليار دولار أمريكي فقط.
وعندما يتجاوز مبلغ المال المزمع ضخه في الاقتصاد كمية الأموال التي تخضع للتداول حاليًا بمقدار ثلاثة أضعاف، فإن ذلك يزيد كثيرًا من احتمالات حدوث التضخم.
وينبع التضخم من الحقيقة الاقتصادية القائلة إنه كلما زادت كمية السلعة المتداولة، قلت قيمتها. ولا تمثل العملات النقدية الإلزامية، وهي عملات ذات غطاء قانوني ولكن لا تدعمها أي ضمانات باستثناء مصداقية الحكومة التي تصدرها، مثل الدولار الأمريكي، والجنيه الإسترليني، واليورو، استثناءً لهذه القاعدة الاقتصادية الأساسية، وهذا هو السبب الذي يبرر التوقعات بارتفاع التضخم خلال الشهور أو السنوات المقبلة.
كيف تحمي أموالك من التضخم؟
يرى المستثمر الأسطوري وارن بافيت أن هناك شيئين يمكن للناس القيام بهما للمساعدة في الحماية من التضخم.
1- استثمر في نفسك
بالعودة إلى عام 2009 في نهاية الركود، قال بافيت في اجتماع المساهمين السنوي في Berkshire Hathaway إن أفضل الأشياء التي يمكن لأي شخص القيام بها للحماية من التضخم هي صقل مهاراته والعمل على أن يكون في القمة مجال. بعبارة أخرى كونك بارعًا في ما تفعله سيضمن حصولك على حصتك العادلة بغض النظر عما يحدث مع قيمة الدولار، "
أفضل شيء تفعله هو الاستثمار في نفسك"، كما يقول بافيت.
2- امتلك جزء من شركة رائعة
ويقول بافيت إن أفضل الطرق للحماية من التضخم هو امتلاك جزء من "شركة رائعة"، لأنه بغض النظر عما يحدث مع قيمة الدولار، سيظل منتج النشاط التجاري مطلوبًا.